مدخل التزكية: الإيمان وعمارة الأرض

مدخل التزكية:

الإيمان وعمارة الأرض

المحور الأول: مبدأ الاستخلاف أساس عمارة الأرض .

1       مفهوم الاستخلاف و عمارة الأرض

- عمارة الأرض

لغة: العمارة من عمر الشيء, و استعمره أي جعله يعمر, و العمارة نقيض الخراب و الهدم و الدمار.
واصطلاحا: التصرف في الأرض بما سخره الله لنا فيها وفق منهج الشرع، لأجل استصلاح أحوالها المادية والمعنوية تحقيقا للحياة لطيبة ومرضاة لله سبحانه.

- مبدأ الاستخلاف:

لغة: الاستخلاف لغة من الخلافة و هي التعاقب والنيابة والتداول.

واصطلاحا: إنابة الإنسان وتوكيله عن الله تعالى في الأرض لعمارتها ولتنفيذ مراده سبحانه وتحقيق مشيئته وإجراء أحكامه، تشريفا له وتعظيما لقدره. 

2       ـ مبدأ الاستخلاف أساس عمارة الأرض

الاستخلاف مهمة وأمانة اختارها الله عزوجل للإنسان فقال سبحانه:(إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون) فيقتضي لقيام بمهمة الخلافة على أكمل وجه عمارة الأرض بالطاعات والخيرات عن طريق استغلال ما سخره الله لنا من نعم في السماوات والأرض قال تعالى:(ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الارض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة) سورة لقمان: 20. فالاستخلاف أساس العمارة والتسخير أساس الاستخلاف.

المحور الثاني : النهي عن الإفساد في الأرض.

الإفساد في الأرض ضد عمارتها وهو تخريبها والاعتداء عليها بانتهاك الدين أو العرض أو العقل أو ما يتصرف فيه الإنسان من الخيرات كالمال والبيئة وكل ما خلق الله

وقد نهى الإسلام عن الإفساد في الأرض قال عز وجل:(ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها) حيث اعتبر الفساد شرا وبلاءا يترتب عنه دمار و خراب و من أنواعه: الشرك وهو أعظم أنواع  الفساد في الأرض, ارتكاب الفواحش، قتل النفس التي حرم الله, زرع التفرقة والعنصرية، سوء استغلال الموارد الاقتصادية والموارد الطبيعية، وسوء استعمال وسائل الإعلام…

وقد يكون مع الإفساد في الأرض عمران مادي هائل فلا عبرة به كما قال تعالى:(أولم يسيروا في الارض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها وجاءتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) الروم: 9. فقد بنى الفراعنة الأهرامات وبنى عاد إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد... لكن الله دمرهم جميعا لطغيانهم وكفرهم.

المحور الثالث: علاقة الإيمان بعمارة الأرض (واجب المؤمن عمارة الأرض وإصلاحها)

إن واجب المؤمن أن يحقق مبدأ الاستخلاف وفاء بالأمانة التي تحملها وهي عمارة الأرض بالخيرات والأعمال الصالحات إذ الإيمان الصادق لا ينتج إلا العمل الصالح قال تعالى:(الذين إن مكناهم في الارض أقاموا الصلاة واتوا الزكاة وأمروا بالمعروف  ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور)  سورة الحج : 39، وقال تعالى:(ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الارض يرثها عبادي الصالحون) الأنبياء : 104.