مدخل الاقتداء: الرسول صلى الله عليه وسلم مفاوضا ومستشيرا

مدخل الاقتداء: الرسول ﷺ  مفاوضا ومستشيرا.

المحور الأول: واقع التفاوض في حياة النبي ﷺ ومميزاته.

1ـ مفهوم التفاوض:

لغة: التباحث، وتداول الكلام.

واصطلاحا: هو أسلوب من أساليب حل النزاعات وتسوية الصراعات بتقريب أوجه النظر بين طرفين مختلفين حول قضية من القضايا، تحقيقا للمصلحة المشتركة بينهما بحسب قوة كل منهما.

2 ـ التفاوض في حياة النبي صلى الله عليه وسلم:

عرف النبي صلى الله عليه وسلم بقدرته الفذة على التفاوض، وقد دلت سيرته العطرة على تميزه في هذا المجال، وخير مثال على ذلك النماذج الآتية:

ـ مفاوضة الرسول صلى الله عليه وسلم لمشركي قريش في صلح الحديبية (يرجع إلى درس صلح الحديبية وفتح مكة دروس وعبر)

ـ مفاوضته ليهود خيبر فقد ذكر علماء السيرة أن النبي ﷺ حاصر حصون خيبر فأرسل إليه ابن أبي الحُقَيْق يقول: يا محمد أنزل فأكلمك؟ فقال ﷺ:  نعم، فنزل، وصالح على حقن دماء مَنْ في حصونهم من المقاتِلة، وخروجهم من خيبر وأن يتم تسليم الحصون إلى المسلمين.

ـ مفاوضته لمجموعة من صناديد قريش منهم عتبة بن أبي ربيعة، وذلك بعد إسلام حمزة وتبين قوة المسلمين أرسل المشركون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عتبة ليفاوضه ويعرض عليه أمورا لعله يقبلها فقال له رسول الله ﷺ :‏‏ قل يا أبا الوليد ، أسمعْ ؛ فعرض عليه المال والسيادة والملك إن كان إنما يريد ذلك أو الطب إن كان به مرض، حتى إذا فرغ عتبة ورسول الله ﷺ يستمع منه، قال ‏‏:‏‏ أقد فرغت يا أبا الوليد ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ نعم ، قال ‏‏:‏‏ فاسمع مني ؛ قال ‏‏:‏‏ أفعل ؛ فتلى عليه أوائل سورة حم فرجع عتبة إلى قومه فزعا يقول لهم: خلوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه فاعتزلوه، فوالله ليكونن لقوله الذي سمعت منه نبأ عظيم.. وهم يقولون: سحرك والله يا أبا الوليد.

3 ـ مميزات أسلوب التفاوض لدى النبي ﷺ (نموذج صلح الحديبية):

ـ تقوية موقف الرسول ﷺ: وذلك مثلا ببيعة الرضوان التي بايع فيه الصحابة على الموت.

ـ إرباك صفوف الخصم، مثل استمالة الحلس ابن علقمة حين علم أنه متأله فساق الهدي وأمر الصحابة بالتلبية فأثر عليه ذلك المظهر ورجع معترضا على قريش منعها النبي من العمرة.

ـ المرونة في التفاوض وعدم الاهتمام بالشكليات. كما يظهر في كتابة وثيقة صلح الحديبية.

ـ فرض الاحترام لقواعد التفاوض، كاشتراطه صلى الله عليه وسلم إطلاق عثمان ثمنا للسلم.

المحور الثاني: مفهوم

4- فوائد التفاوض وآثاره:

-         تقريب أوجه الرأي وتبديد النزاع وتدبير الاختلاف.

-         إتاحة الفرصة للتعايش والتساكن بين الشعوب والأمم.

-         نشر السلم بين الناس والابتعاد عن الحرب وتلافي ما يجره من ويلات.

-         التفرغ لرص الصف الداخلي وتنمية المجتمع والرقي به.

المحور الثاني: واقع الاستشارة في حياة النبي ﷺ وفوائدها.

1 ـ مفهوم الاستشارة:

في اللغة: طلب المشورة

وفي الاصطلاح: هي تبادل الآراء مع أهل الخبرة والفطنة في أمر من الأمور لمعرفة أصوبها وأصلحها لأجل اعتماده في اتخاذ القرار المناسب.

2 ـ حث الإسلام على مبدأ الشورى (الشورى مبدأ أصيل في الإسلام)

رغم ما ألزم به الصحابة من طاعة النبي ﷺ والاستجابة فقد أمره ربه سبحانه بمشورتهم فقال عز وجل: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾ سورة آل عمران الآية: 159.

3 ـ الرسول ﷺ مستشيرا:

تعددت نماذج استشاراته صلى الله عليه وسلم للصحابة، ومن الأمثلة على ذلك:

ـ مشاورته للصحابة في غزوة بدر الكبرى بين المواجهة وغيرها.

ـ مشاورته لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما في أسرى بدر، حيث أشار عليه أبوبكر بافتدائهم وأشار عليه عمر بقطع رؤوسهم فنزل القرآن موافقا لعمر.

ـ استشارته أم سلمة في صلح الحديبية، إذ تأخر الصحابة عن التحلل الذي أمرهم به النبي صلى الله عليه وسلم فاهتم لذلك فأشارت عليه أم سلمة أن لا يكلم أحدا حتى ينحر ويحلق ففعل فقام أصحابه ينحرون ويحلقون.

ـ استشارته للصحابة في غزوة الخندق. إذ تجمعت الأحزاب (مجموعة من القبائل العربية) لغزو المدينة والقضاء على المسلمين فاستشار النبي ﷺ أصحابه فأشار عليه سلمان الفارسي بحفر الخندق.

4 ـ فوائد الشورى وآثارها:

ـ نشر المحبة بين الرئيس والمرؤوس، والحاكم والمحكوم، والأسرة وربها ...

ـ رص الصف الداخلي وتوحيد الكلمة في وجه العدو الخارجي.

ـ تدبير الاختلاف وتضييقه وتقليله.

ـ سداد الرأي، ورجاحة العقل: فعقلان خير من عقل واحد.

ـ الإحساس بالمسؤولية في اتخاذ القرارات الحاسمة والمصيرية.

ـ التحلي بقيم التواضع والتخلص من الأنانية والتكبر والاستعلاء.