مدخل الحكمة:
العفو والتسامح
1- مفهوم العفو والتسامح
والعلاقة بينهما:
العفو
|
التسامح
|
العلاقات
|
|
المعنى اللغوي
|
المحو – الطمس
|
التساهل – التياسر
|
تغاير
|
المعنى الاصطلاحي
|
إسقاط العقوبة عن المذنب
|
التيسير واللين في المعاملة مع الناس
|
تداخل – تقاطع
علاقة عموم وخصوص
التسامح أعم من العفو
|
المجالات
|
- المجال الديني (أساسه العفو الإلهي – إسقاط الحكم
الشرعي كعفوه ﷺ عن صدقة الخيل...)
- المجال القضائي (التنازل عن الدعاوى القضائية إذ من
القواعد الفقهية دفع الحدود بالشبهات – العفو عن حق القصاص إلى الدية...)
- المجال الاجتماعي (العفو عن إذاية الناس كإيذاء
العرض بالسب والشتم...)
|
- المجال الديني (مجادلة أهل الكتاب بالتي هي أحسن –
برهم والإحسان إليهم...)
- المجل الاجتماعي (التياسر في التعامل بين الناس)
- المجال المالي (التياسر في البيع والشراء قال ﷺ: رحم
الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى اقتضى – تنازل المرأة المطلقة قبل الدخول عن
نصف الصداق الواجب لها...)
|
تداخل
تقاطع
|
ملاحظة: يقيد
مفهوم العفو بمفهوم الحق وذلك كالآتي:
-
في إطار التنازل عن الدعاوى القضائية لا تسقط
تلك الدعوى رأسا بل توقف ولا تتضمن الجرائم الخطيرة لتعلقها بحق المجتمع.
-
الله يغفر الذنوب المتعلقة بينه وبين عباده
أما الذنوب المتعلقة بحقوق الغير فلا يغفرها الله إلا إذا سمح من تعلقت به.
-
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعفو
ويتسامح إذا انتهكت حقوق لكنه لايتسامح مع من ينتهك حدود الله.
2-
مصادر العفو والتسامح:
من أهم مصادر العفو والتسامح في التصور الإسلامي:
-
صفات الله تعالى: من أسماء الله سبحانه العفو
قال تعالى:﴿فَأُولَئِكَ
عَسَى اللَه أَن يعفو عنهم وكان اللَه عفوا غفورا﴾ النساء: 99. وقوله سبحانه:﴿إِن تبدوا خيرا أَو تخفوه أَو تعفوا عن سوء فإِن الله
كان عفوا قديرا﴾ النساء:
194. وقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالتخلق بأخلاق الله. وكان أهم نعمة حثنا
الرسول على طلبها من ربنا العفو فعن عائشة أنها قالت: قلت: يا رسول الله أَرأَيت إِن
وافقت ليلة القدرِ ما أَدعو؟، قال: تقولين: اللهم إِنك عفو تحب العفو فاعف عني.
-
أخلاق
النبي ﷺ وسنته: كان رسول الله ﷺ من أشد
الناس تخلقا بخلق العفو ذلك أنه عفى عن المشركين بعد أن أمكنه الله منهم في فتح
مكة فقال لهم:"ما تظنون أني فاعل
بكم" قالوا:"أخ كريم وابن أخ كريم" قال:"اذهبوا فأنتم
الطلقاء". ويظهر تسامحه ﷺ مع اليهود
في المدينة من خلال أول وثيقة دستورية وأول إعلان عالمي لحقوق الإنسان، يؤسس
لعلاقة التعايش بين المسلمين وغيرهم من داخل الدولة الإسلامية.
-
أخلاق
الأنبياء ومنهم يوسف عليه السلام الذي عفا عن إخوته بعدما فعلوا به الأفاعيل فقال
لهم:(لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم
الراحمين) يوسف: 92.0
3- العفو والتسامح أساس نشر المحبة وتماسك المجتمع:
- لا شك أن مهمة
الإنسان في الدنيا عمارة الأرض وتحقيق مبدأ الاستخلاف ولن يتم ذلك إلا عن طريق
التعاون ولن يكون التعاون إلا بتخفيف التباغض ونشر التحاب والتواد بين الناس وطريق
ذلك إشاعة العفو والتسامح بينهم.
- يقول الله تعالى:(إدفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي
حميم) فصلت:34. وقال ﷺ:"إنكم لَا
تسعون الناس بأموالكم، ولكن يسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق" وهذه نصوص تبين أثر العفو والتسامح الجميل
في إشاعة المحبة بين الناس.
ومن شواهد ذلك ما روي عن شيبة بن عثمان لما كان عام الفتح دخل رسول الله ﷺ مكة
عنوة فلما اختلط الناس فأصلت السيف فدنوت منه ﷺ ورفعت سيفي أريد قتله فرفع لي شواظ
من نار كالبرق كاد يمحشني (أي يحرقني)، فوضعت يدي على بصري خوفا عليه فالتفت إلي رسول
الله ﷺ فناداني: يا شيب
ادن مني " فدنوت منه فمسح صدري، ثم قال "اللهم أعذه من الشيطان" قال
فو الله لهو كان ساعتئذ أحب إلي من سمعي وبصري ونفسي.
-
العفو يرد النفوس التي غلب عليها الشر إلى الهدوء والثقة فتنقلب من الخصومة إلى الولاء
وينقلب الغضب إلى سكينة غير أن تلك السماحة تحتاج إلى قلب كبير يعطف ويسمح وهو
قادر على الرد. حتى لا يصور الإحسان في نفس المسيء ضعفا. ولئن أحس أنه ضعف لم
يحترمه، ولم يكن للحسنة أثرها إطلاقا. وهذه السماحة كذلك قاصرة على حالات الإساءة
الشخصية. لا العدوان على العقيدة وفتنة المؤمنين عنها.
- العفو عن الآخرين
يخفض ضغط الدم ويخفف إجهادات القلب ويقلل من إفراز هرمون الإجهاد Cortisol ويطيل العمر كما يقول البرفسور Loren
Toussaint حيث أخضع 1500 شخص لدراسة طلب
منهم أن يغفروا لآخرين وأن يعتقدوا بأن الله سيغفر لهم! وكانت النتائج مذهلة حيث تحسنت
صحتهم النفسية والجسدية بشكل كبير! حتى إن العلماء بدأوا يخترعون طرقاً وأساليب لتعليم
الناس فن العفو عن الآخرين لما وجدوا من فوائد عظيمة!!
- واقعيا لو افترضنا أن مجتمعا متسامحا عفوا لكان ذلك مدعاة إلى تقليل
الدعاوى القضائية أمام المحاكم وتقليل نسب الطلاق والحد من استفحال الجريمة ومن
التفكك الأسري وبالتالي إنشاء المجتمع الخير الفاضل.
جزاكم الله خيرا
ردحذف